What is Dabke | ما هي الدبكة


على غرار أنماط الرقص الأخرى ، تعتمد الدبكة البعلبكية على طاقة الراقص/الراقصة وحماسه/ها ، حيث يجب أن تعكس الخطوات روح واحدة بين أعضاء الفرقة أو المشاركين بحلقة الرقص. مع انتشار الدبكة في أواسط الشباب خلال العقدين الأخيرين، تزايد طرح الأسئلة حول أصول الدبكة ، ليبقى السؤال الرئيسي “ما هي الدبكة؟”

يطول النقاش حول أصل هذه الرقصة الشرقية، ومع عدم وجود دراسة علمية موثوقة تستكشف أنثروبولوجية الدبكة (علم ثقافات البشر القديمة) ، تظل جميع الادعاءات حول أصول الدبكة مجرد افتراضات. يقول الفنان علي حليحل أنّ أصل الدبكة في هذه المنطقة هو رقصة المحاربين البدو بالسيوف، أو ما يسمّى “العَرضة”. ويضيف أنّ القبائل البدوية التي استوطنت الجبال المتاخمة لبعلبك، كانت تنزل إلى المدينة وتعّلم أبناءها الدبكة. وقد كانت في الأصل رقصة جماعية قبلية في شبه الجزيرة العربية وتم تحديثها بخطوات جديدة على مر السنين. إلا أن الموسيقار اللبناني زكي ناصيف يرى أن الدبكة ليس لها تاريخ ، وأنها نتجت عن ضرب الأرجل عن أسطح المنازل الترابية بعد كل هطول للمطر لتسويتها حتى لا تتسرب الأمطار داخل المنزل خلال فصل الشتاء. ويضيف أن كلمة ”دلعونة“ السريانية التي تعني حرفيا مد يد العون والمساعدة، أصبحت فيما بعد تشمل الغناء والرقص والهتاف.

صمدت هذه الرقصة أمام اختبار الزمن، واكتسبت شعبية أكبر بعد انتشار منصات التواصل الاجتماعي في العقدين الماضيين. الدبكة البعلبكية على وجه الخصوص لها ستة أنماط أو أنواع أساسية:

دبكة الزينو (كردية الأصل)

دبكة العرجة

الدبكة الطيراوية

الدبكة العسكرية

الدبكة الشمالية (الدلعونة)

الدبكة البدّاوية

كانت الدبكة جزءًا لا يتجزأ من شخصية اللبنانيين، وسكان بعلبك على وجه التحديد، حيث فرضت البيئة أسلوب رقص معيّن معروف بصلابة الخطوة والتعبير عن الفخر والرجولة في ملامح الوجه؛ فيمكنك أن تجد في كل منطقة أو عائلة (عشيرة) رقصاتها خطواتها وأنماطها وطقوسها حسب جغرافية المكان.

بدءاً من عائلة الصلح في بعلبك ، حيث اعتُبر زكريا الصلح (أبو يحيى) ومحمد الصلح (أبو ماجد) من رواد الدبكة في بعلبك ، فأحيا هذا التقليد ونشرا الرسالة الثقافية من خلال عروضهما التي اجتاحت كل حفلات لبنان ومهرجاناته. يقول أحد سكان بعلبك مستذكرًا العصر الذهبي لشيوخ الدبكة البعلبكية:” كان الناس ينتظرون بفارغ الصبر لمشاهدته (أي أبو يحيى) وهو يؤدي الدبكة خلال حفل الزفاف.“ ثمّ يضيف :”عندما يرقص، كان المعلّم والأستاذ، المعلم الذي يعطي دروسًا في الأسلوب والأداء ومع كل تفاصيل وتعابير الوجه. “

شيخ آخر من شيوخ الدبكة البعلبكية هو دوخي الصلح ، الذي ما زالت أسطورته حيّة في وجدان كلّ أهل بعلبك. يُذكر أنه أفضل راقص ولد في منطقة البقاع ، حيث ”لا يعتبر حفل الزفاف ناجحًا إلا إذا حضر وأدى رقصته“. وكان له دور كبير في تدريب أعضاء فرق الرقص الشعبي الدبكة. كان يرقص بالسيوف والخناجر والنرجيلة (الشيشة)، حتّى أنّه كان ينحني أرضًا إلى الوراء ويكحّل عينيه بالخناجر! عندما أدّى أمام لجنة مهرجانات بعلبك، أُعجبت السيدة جرار، إحدى المنظمين للمهرجان، بمهاراته وموهبته وطلبت منه مساعدتها في تدريب الفرقة. وافق الدوخي على الفور ورفض أن يحصل على أيّ أجر مقابل التدريب ، لذلك تم تكريمه بدخول مجاني إلى جميع الحفلات التي تقام في بعلبك. كما يعتبر أبناؤه من أفضل راقصي الدبكة في بعلبك ولبنان في الوقت الحاضر. كريم الصلح (أبو دوخي) هو ابن الأسطورة
.دوخي وبرهان حيّ على إرث والده.

ومن الرواد في تاريخ الدبكة عبد الحليم كركلا وشقيقه عمر كركلا. على عكس فرق الدبكة المحلية التي استخدمت أساليب الدبكة البعلبكية التّقليدية في عروض الحفلات، انتقلت فرقة كركلا إلى مستوى مختلف. يعتبر عبد الحليم كركلا المايسترو والعقل المؤسس لمسرح كركلا. ولد في بعلبك عام 1938 ، والده الشاعر عباس كركلا الملقب بـ”شيخ شباب بعلبك“ ، ووالدته رمزة حمية من قرية طرايا المشهورة بالدّبكة الطيراوية. شقيقه هو شيخ من شيوخ الدّبكة البعلبكية، عمر كركلا الذي

كان بطل لبنان في القفز بالزانة، سباقي 100 و 400 م، وكذلك في الوثب العالي. درس عبد الحليم كركلا المسرح الراقص في لندن وباريس بين عامي 1962 و 1966 ، ثم أسس رسمياً مع شقيقه عمر فرقة كركلا عام 1968، متبنيًا أفكاره المسرحية من جمال بعلبك ومن أسلوب الحياة البدوي، وهذا ما برز في عرضهم الأول ”الخيام السود“، وبالتالي فإن دورهم وتأثيرهم في الحفاظ على الثقافة لا يُضاهى.

الأجيال الشابة تلعب اليوم دورًا أكبر في الحفاظ على هذا الفن. في جولة بسيطة على وسائل التواصل الاجتماعي، يبرز لنا كيف تم تأسيس العديد من قنوات اليوتيوب لنشر الفيديوهات الراقصة، وتمّ تأسيس العديد من الفرق الحديثة للزفة وتعليم الدبكة. وبما أن الشباب اللبناني والعربي أصبحوا متحمسين أكثر اليوم لتعلّم أصول الدّبكة، فإن العديد من استوديوهات الرقص بدأت تقدم الخدمة داخل لبنان وخارجه. واحدة من مدارس الرقص الجديدة التي افتتحت العام الماضي (2019) في منطقة بدارو- بيروت تابعة لصفحة “دبكة بعلبكية”. على حسب قول أحد المدربين في الفرقة: “نحن نفتخر بأن نحافظ على هذا الإرث وننشره، ونرحّب بالجميع أن يصبح جزءًا من فريقنا وأسرتنا إذا قرّر/قررت تعلم الدبكة”.